تحمسنا للكتابة في موضوع الفكر المقاصدي و الاعتقاد الإسلامي لأن العقيدة في تقديرنا هي الشغل الشاغل الذي ظل و سيظل العنصر المفصلي المحدد لأبعاد الإنسان الروحية و المادية... لذا لا يسعنا إلا أن نقرر أن المستوى الأخلاقي و العلمي لمساجلاتنا و لأنواع تواصلنا الإنساني هما المحك العملي لما نؤمن به و لما نعتقده.... إن الاهتمام بما هو اعتقادي، و الانشغال بالتفكير في مسائله في ضوء المقصود من جلب المصالح و من درء المفاسد أمر يعضده الارتباط الوثيق للإيمان بالعمل الصالح في الإسلام لأنه ثمرة للإيمان يغذي أحدهما الآخر.
و عليه أبرزنا في هذا الكتاب ما للفكر المقاصدي من وظيفة اجتهادية في مقاربة مبادىء الاعتقاد الإسلامي و في معالجة مسائله. لا بد من التمييز المستأنف في الاعتقاد بين ما هو من قبيل المبادىء المتفق عليها و بين ما هو من قبيل المسائل المجملة التي اختلف في فهمها و في الاستدلال عليها. لا بد من هذا التمييز حتى لا تتحول الآراء الاجتهادية في العقائد الإسلامية إلى مبادىء وثوقية تكرس للروح التواكلية و للعقلية الاستبدادية و للذهنية الخرافية و ما تؤدي إليه من شعوذة و جمود و تعصب و إمعية....